انتفاضة اللاعودة لنساء و رجال الإدارة التربوية: بقلم مدير غيور

27 مارس 2021 - 12:43 م

انتفاضة اللاعودة لنساء و رجال الإدارة التربوية:
بقلم مدير غيور

” مستمرون في اللاعودة حتى تحقيق المطالب” شعار التحدي الذي رفعه أطر الإدارة التربوية تحت يافطة التنسيق الثلاثي للجمعيات الإدارية، بمؤازرة النقابات الأكثر تمثيلية، بعد الحيف الذي لاقته هذه الفئة جراء التماطل في تسوية وضعيتها، و بعد الوعود الكاذبة عن قرب حل ملفها الذي عمر طويلا دون أن يلقى التفاتة حقيقية، لم يكن من بدها غير الرفع من وتيرة التصعيد، بمقاطعة العمليات الإدارية والتربوية، لحلحلة ملفها، و التصدي للجهات المعرقلة التي لا يروقها تسوية هذا الملف.
تزامن اعتصام الأطر الإدارية بالأكاديميات مع غضب هيئة التدريس، و انخراطها في الوقفات والاضرابات، بسبب ما تعرضوا له من تنكيل و رفس من قبل بعض المحسوبين على رجال السلطة، في موقف بلطجي مشين و مستفز، يتنافى و المهام المنوطة بهم، و هو ما أثار حفيظة كل الغيورين على مهنة التربية و التعليم، فطالبوا بمحاسبة المعتدين و من كان وراء تدخلاتهم الهمجية،
الساحة التعليمية تعرف احتقانا أشعل نار الاحتجاج، ترجمه أهل التربية و التعليم إلى انتفاضة حقيقية، لمت كل الفئات التي صدحت بأعلى صوتها لتوصل رسالتها إلى من يهمهم الأمر، لكنها تُقابٓل دائما بالجفاء والاقصاء المفتعل لمطالبها، بإغلاق سبل الحوار و التصدي لها بالتنكيل و القمع، في تحد سافر للمواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان و الحق في الإضراب، يبدو على السلطة التربوية العليا عدم رغبتها في إنجاح سبل الإصلاح، بشد الحبل و سد أبواب التواصل، وانتهاج سياسة العند ضد فئات لها مطالب حقوقية، و تعويم الملفات المتفق عليها، مما سبب في فقدان الثقة في مؤسسة من حجم وزارة التربية و التعليم، و هي سابقة مكشوفة لسياسة تعليمية عاجزة على تدبير المرحلة للنهوض بقطاع يعاني الويلات، بتكريسها سبل الاقصاء، وإضعاف فئة الإدارة التربوية، و إثقالها بمهام متفرعة لا تُعد و لا تُحصى دون أن تلقى التفاتة حقيقية، سوى الوعود المزيفة عن قرب انفراج وهمي للمرسومين، مما يوحي بانقشاع ذرة أمل لكنها مغلفة بخناجر مسمومة وغادرة خانت الثقة المعقودة عليها، لقد كانت مجرد أساليب إلهائية ماكرة، تسعى من خلالها إلى تمضية ولايتها بأقل الأضرار الممكنة، إنها سياسة مجحفة في حق فئة تعد ركيزة أساسية في المنظومة التربوية، وقنوات لا محيد عنها لتنزيل الاصلاحات و إنجاحها، لكن التغاضي عن حقوقها بشكل مُتعٓمّٓد ومدروس، جرّٓ عليها لعنات الاحتجاجات التي ازدادت شرارتها اشتعالا، بالتحاق جميع الفئات المهضومة الحقوق إلى ساحة النضال التي تسع كل محتج صامد لا يكل و لا يمل.
سياسة اللامبالاة وحدت الأصوات الصادحة للمطالبين بحقوقهم، في تجمهر احتجاجي واحد أمام المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية، لفك الحصار المطبق على مطالبها المحتجزة بين رفوف الوزارة، وإقرار بعضها التي لا زالت في العدم منتفية الوجود، الجميع خرج إلى الميدان ليحتج و في قلبه نقمة على الوضع المربك الذي لازمه كظله ولا ينفك عنه، حتى أفقده استقراره النفسي والمهني، و لم يعد يراهن على شيء قد يطاله بعد أن تأكد لديه زيف الوعود، و وتضارب المواعيد واختلالها، حتى صارت شبيهة بمواعيد عرقوب الذي وعد أخاه أنه حينما تثمر النخلة سيعطيه طلعها، فلا هو أدرك بلحها و لا طلعها، كما حدث مع الأطر الإدارية التي ناضلت ردها من الزمن، لأجل إثبات كينونتها بإطار يحدد المهام التي أثقلت كاهلها، بتفرعها انطلاقا من مذكرات تناسلت عليها باستمرار، وزادتها مهاما أخرى ليست من اختصاصها، حتى أنها لا تجد لفسها مساحة زمنية تتفرغ فيها للحياة الشخصية، فكان لها أن دعت إلى تحديد ساعات العمل، و إحداث قانون أساسي يضمن الحقوق و يحدد الواجبات بما يتماشى وإطارا منصفا، لكنها كانت تُقابل في كل مرة بالجفاء و عدم الاكتراث لمطالبها، بل كان يمارس في حقها الشطط بتوزيع الاعفاءات المجانية على الصناديد الأوفياء لقضيتهم، الذين كانت تُلفق لهم تُهما مغرضة و انتقامية، بسبب حناجرهم التي كانت ولا زالت تصدح عاليا، معبرة عن تذمرها من وضع لم يكن قد راقها يوما، و لكنها تحملته في صمت على أمل قريب أن يأتي الانفراج و ينصلح الحال، لكن الحال ازداد سوءا بفقدان الثقة في السلطة التربوية العليا، لما كانت تتلكأ في إخراج المرسومين المتفق عليهما مع التنظيمات النقابية الأكثر تمثيلية، فتبين بالملموس زيف الوعود التي كان يتشدق بها وزير التربية و التعليم أينما حل وارتحل، أمام الإعلام السمعي البصري، والورقي، و داخل قبة البرلمان حيث تُشرعٓن القوانين ويُصادٓق عليها، مما أعطى مصداقية لكلامه المعسول والمنمق، صدقه أطر الإدارة التربوية بعد أن حدد تاريخ تنزيل المراسيم مرات عديدة، إلى أن أفتضح زيف تصريحاته الواهية، من قبل وزير الثلاجة المالية الذي فجرها أمام نواب الأمة، بأسلوب ساخر وصريح لا يحتمل التكذيب و التأويل، ليتبين أنها كانت مكيدة من داهية عرف كيف يمرر خطاباته، و يقنع بها الآلاف من الإداريين الشرفاء الذين انطلت عليهم حيله الماكرة قبل أن تنكشف حقيقة وعوده، بتسويقه الوهم والأضاليل وهو القائد لقطاع من المفروض أن يكون لديه القول الصادق، لكن عندما يغلب السياسي على المربي، يتحرك الخبث الذي يعتمل داخله من أجل مصالح ضيقة، تنهار معها المبادئ، وتتهدم القيم لتتحول من خدمة الإنسان و تربيته، إلى خدمة الأشخاص و التنظيمات الحزبية.
استفاقت الأطر الإدارية من هول اكتشافها لكذبة الوزير الذي كان بارعا في فبركة سيناريوهات متعددة، لتضليل ملفها وإدخاله في دوامة صراع سياسي داخل الحكومة، ليتبن لها حدة العراقيل التي تواجهه بشراسة من جهات مسؤولة لا يروقها تحقيق مطالبها، التي تثبت بها تلك الكينونة الضائعة بين السخرة و الأرشيف، و الإبقاء عليها خدومة كتومة مهددة في استقرارها المهني، مما فجر الحنق في داخلها لتترجمه إلى انتفاضة حقيقية على تردي وضعها، و عما تعرضت له من استغفال نتيجة الأضاليل التي مورست في حقها، بأن رفعت شعار التحدي” أن تكون أو لا تكون”، و ليس هناك ما ستخسره أكثر من عمرها الزهوري الذي قضته بين المكاتب و هي تنتظر انفراج الأمل في تحقيق الكرامة، وٓمٓحقِ المذلة و المهانة التي التصقت بها عنوة دون اختيار، صارعت وكابدت مشاق نضالات مختلفة خلال محطات ومحطات دون أن تفقد الأمل في غد مشرق، لكن هذه المرة فقد وصل السيل الزبى، عندما ينتفض الإداريون ويصدحون بلسان واحد” لا عودة حتى تحقيق المطالب”، فاعلم أن قلوبهم قد تقيحت وبلغ الاحتجاج بسببها مداه، تحت قيادة التنسيق الوطني الثلاثي للجمعيات الإدارية الذي أبان عن حنكته في قيادة المعركة النضالية، بحكمة و تبصر في إبداع الصيغ النضالية المواتية، ذات البعد الحضاري في ممارسة الأشكال الاحتجاجية التي من شأنها تحقيق مطالبهم كاملة دون تجزيئ أو نقصان، و لعل الإصرار على انتزاع تلك الحقوق لدليل على العزم في مواصلة تنفيذ شعار اللاعودة، لإرغام الوزارة على إخراج المرسومين، وتحقيق باقي المطالب المرتبطة بإثبات الكينونة الضائعة، و الكرامة المهدورة، ودون ذلك فسيبقى وجود الأطر الإدارية بالمؤسسات شكليا، أي الحضور مع وقف التنفيذ لجميع العمليات التربوية والإدارية.
تحية نضالية عالية لكل الصناديد الأوفياء لقضيتهم، و الملتزمين بالبرنامج النضالي المسطر للشطر الثاني دون اجتهادات لخلق مبررات واهية تسمح بخرقه و نسفه.

مشاركة فيسبوك تويتر واتساب
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .