صفحة مشرقة في تاريخ النهضة

صفحة مشرقة في تاريخ النهضة
أسعدنا فريق نهضة بركان لكرة القدم، كثيرا، وهو يكتب صفحة مشرقة في تاريخه، بتتويجه لموسم شاق وماراطوني، في ظرفية استثنائية بامتياز، بفوزه بلقب قاري سرق منه العام الماضي (2019)، في القاهرة، أمام الزمالك، نتيجة أخطاء تحكيمية مؤثرة في النتيجة.
لكن عزيمة الفريق ومكوناته، أبت إلا أن تجعل من النهائي الثاني على التوالي، فرصة لتعويض ما ضاع، بفعل فاعل، ومعانقة كأس الكاف، واهدائها للمغرب بصفة عامة، ولساكنة ومكونات مدينة بركان والمنطقة الشرقية بصفة خاصة.
لم تكن المهمة سهلة في مواجهة فريق مصري آخر، وهو بيراميدز، رغم أنه حديث النشأة والتأسيس (2008)، وحديث العهد بالمنافسات الإفريقية، التي يشارك فيها لأول مرة، فتشكل نواته الأساسية من لاعبين بارزين وأصحاب خبرة وتجربة في كبريات الأندية المصرية، وفي أندية سعودية، مكنه من أن يقدم نفسه كإسم جديد على الساحة المصرية، ومن بلوغ نهائي كأس الكاف، في أول حضور إفريقي من نوعه.
كنا واثقين من أن لاعبي نهضة بركان لن يفرطوا في هذه الفرصة الثمينة، وأنهم سيكونون جاهزين لهذا الاستحقاق في موعده النهائي والحاسم.
وهو ما لمسناه مع بداية المباراة، إلى أن بلغت خط النهاية، بإعلان نهضة بركان بطلة عن جدارة واستحقاق لإفريقيا في مسابقة كأس الكاف، وبتسجيل اسمها كأول طرفي مباراة الكأس الإفريقية الممتازة.
نجح المدرب المقتدر طارق السكتيوي في اعتماد الخطة المناسبة، بعدما هيأ اللاعبين بالطريقة المناسبة والفعالة، من النواحي التقنية والبدنية والذهنية، وهو يعرف مسبقا أن قوة التحمل والاندفاع البدني والجسماني، سيكون لها دور مؤثر ومفصلي، بالنظر إلى إمكانيات ومؤهلات الفريق المنافس في هذا الباب، لذلك، كان لاعبو الفريق المغربي، يقظين وأذكياء في تقديرهم لثقل المهمة والمسؤولية، وفرضوا شخصيتهم وحساباتهم، وتركوا لفريق “الأهرام” أن يلعب دور المسيطر السلبي، وأن يسقط في فخ التوتر والنرفزة، وردود الفعل المتهورة، مما جعلهم يفقدون من الناحية النفسية والمعنوية نصف الطريق أو أكثر نحو إنجاز المهمة المطلوبة في نهائي، يتطلب كثيرا من التركيز والانضباط والمثابرة والصمود.
وكانت النهضة تستحق أن تنهي المباراة لفائدتها، على الأقل، بهدفين لصفر، بعدما أتيحت لها فرص سانحة للتسجيل، خاصة بواسطة المهاجم اللامع والفتاك محسن ياجور.
أما بيراميدز الذي انشغل منذ البداية، بقرارات الحكم الكاميروني أليوم نيانت، وإبداء احتجاجه عليها، مع سبق الإصرار والترصد، فقد فقد عنصر التركيز على المباراة، وخرج منها، دون أن يتمكن من صنع ولو محاولة واحدة حقيقية لهز شباك الحارس العروبي.
هنيئا لنهضة بركان باللقب الإفريقي المستحق، ونتمناها بداية عهد نحو مزيد من الألقاب القارية، وهنيئا لكل مكوناتها، وخاصة لمكتبها المديري، لأن ما تحقق هو من ثمار عمل طموح وجبار، واستراتيجية واضحة المعالم والتوجهات.
من يحسن التخطيط والاختيار، ويحدد الأهداف بدقة، وينجز ما هو مطلوب اعتمادا على وسائل صحيحة وفعالة، ووفق منهجية تتأسس على روح الالتزام والانضباط، واحترام الاختصاصات والصلاحيات، ويحافظ على الاستقرار التقني، لابد أن يقطف الثمار ويصعد إلى قمة التألق والنجاح.
طارق السكيتوي، قدم نفسه مع المغرب الفاسي، أنه مشروع مدرب قادم بقوة ليعتلي قمة النجاح والمجد.
ونستطيع أن نؤكد على أن الثقة التي حظي بها من مسؤولي الفريق “البرتقالي”، والضغوط الشديدة والقوية التي قاومها في بعض اللحظات الصعبة، خاصة في المنعرج الحاسم من الدوري الوطني، تكفي للبرهنة على أنه مؤهل من موقع قوة، للمساهمة في تنزيل مشروع النهوض بالنهضة، وتطوير كرة القدم الوطنية.
النهضة سجلت اسمها، بمداد من ذهب، كسادس فريق مغربي يفوز بكأس الاتحاد الإفريقي، بعد الكوكب المراكشي سنة 1996 (المسابقة في صيغتها القديمة)، والرجاء الرياضي (2003 و2018) والجيش الملكي (2005) والفتح الرياضي (2010) والمغرب الفاسي (2011)، كما أن اللقب رفع من عدد ألقاب المغرب في هذه المسابقة القارية إلى سبعة بحكم أن الرجاء فاز باللقب مرتين.
تتويج النهضة يستوجب مزيدا من الاجتهاد والمثابرة والتخطيط، للارتقاء في سلم العطاء والتميز والتألق.
هنيئا مرة أخرى لكل مكونات نهضة بركان.
عبد اللطيف المتوكل
** رسالة الأمة عدد الثلاثاء 27 أكتوبر 2020
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع عالم أون لاين AalamOnline لمعرفة جديد الاخبار