فن و ثقافة

محمد العتروس …….. يد أمي..

أياد
…..
محمد العتروس
……..
يد أمي..
…..
تقرع كل صباح باب غرفتي، تدير مزلاجه، تطل بابتسامة، ثم تسحب الغطاء من على جسدي.
يد أمي.. تفرك قدمي، تطبع قبلة على صفحتهما، تحملني، تحضنني وتضحك عاليا بفرح ملائكي، فيما أنا أفرك عيني بتذمر، أطرد عنهما غبش النوم، وأثور في وجهها: “لا يا أمي.. اتركيني أنام.”
يد أمي، تغسل وجهي، تنظف أطرافي، تحت إبطي، ما خلف الأذنين، تمشط شعري، تسوي هندامي، تعد قهوتي الصباحية، تحمص خبزي، تقدم لي السمن والعسل وزيت الزيتون في طبق بلدي، وتطعمني.
يد أمي تحمل محفظتي، تأخذ بيدي، ترافقني إلى المدرسة، تودعني أمام الباب الكبير، وفي المساء تعود إلي، تأخذ بيدي من جديد، تقرص وجنتي، تسوي مريالتي، تدعو لي بصوت خفيض ويداها إلى السماء: “الله يجعلك تقرا وتقري”، ونعود إلى البيت.
يد أمي تطوقني بمحبة، تحمل حقيبتي الثقيلة، تلقي بها على الظهر، توقف عربة كارو، تأخذني إلى المحطة الطرقية، تقتني لي تذكرة في اتجاه الجامعة، تختار لي مكانا في الوسط على جانب النافذة، تخاف علي من الأماكن المتقدمة، تخاف علي من الريح التي قد تتسبب لي في الزكام، تغلق نافذة الحافلة، وتنزل وهي تدعو لي بصوت خفيض: “روح آولدي تلقاها زينة”.
يد أمي تبحث في خزانتها عن حليها، تبيع بعض لُوَيْزاتِها.. أذهب إلى باريس، أدرس، أتزوج، أُخَلِّف ولدا وبنتاً، وحين أعود متعبا، أبحث عن يدها فلا أجد غير التراب.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع عالم أون لاين AalamOnline لمعرفة جديد الاخبار