رضوان بشيري .. خبرة تواصل تمتد من بني يزناسن إلى مركز أوروبا
ببساطة أهل تافوغالت وإصرار المنتمين إلى بني يزناسن، زيادة على تواضع المنتسبين إلى إقليم بركان، يمضي رضوان بشيري في حياته الشخصية والمهنية بعدما اختار تطويرهما، قبل 19 سنة من الآن، انطلاقا من تراب مملكة بلجيكا.
بشيري يدير وكالة متخصصة في الاستشارات والتواصل منذ 13 عاما، مستثمرا خبرته النظرية والميدانية في المجال العملي الذي لفت انتباهه، وحين يطالب بتقديم “وصفة نجاح” للباحثين عنها لا يوصي إلّا بتجنب ناشري الإحباط بين الناس.
جهة الشرق
أقبل رضوان بشيري على الحياة ضمن أسرة محافظة في ثاني سنوات عقد الثمانينيات من الألفية المنصرمة، وكان ذلك بقبيلة بني يزناسن، وتحديدا في جماعة رسلان بمنطقة تافوغالت، ضمن النفوذ الترابي لعمالة إقليم بركان.
انطلق المسار الدراسي لبشيري من فرعية “مفتاح” المدرسية بدوار برديل، ثم عرج على إعدادية القدس قبل الوصول إلى ثانوية الليمون، وبهذه المؤسسة حاز شهادة الباكالوريا في شعبة العلوم التجريبية.
توجه رضوان صوب جامعة محمد الأول في “عاصمة جهة الشرق”، وجدة، لاستكمال تكوينه العالي، لكن تلقيه ردا إيجابيا على طلب لدراسة التواصل في بروكسيل حذا به إلى الانتقال نحو بلجيكا، وبهذه المملكة الأوروبية يستقر منذ 2001.
بين التزامَين
يقول رضوان بشيري إن الاندماج في بلد الهجرة لا يكون صعبا على من له هدف محدد، إذ تهون كل الصعاب حين يتم استحضار الغرض من خوض تجربة الاغتراب بعيدا عن الوطن والأهل والأحباب، ويزيد: “ركزت على الدراسة والعمل ولم أنتبه لأي شأن غيرهما”.
ويستدرك “اليزناسني” نفسه بالقول: “لا يعني هذا أن استقراري في بلجيكا قد تم بالسير على بساط مفروش بالورود، الحقيقة أنني كافحت من أجل ضمان رغيف الخبز، كأي شاب مهاجر يراهن على عرق جبينه للوفاء بالتزامات البقاء والتكوين”.
ويؤكد بشيري، المتمكن من اللغة الفلامانية بطلاقة، أن خلق التوازن بين التعلّم وتوفير الحاجيات المالية كان أمرا صعبا، لكنه لم يلح مستحيلا بالنسبة إليه رغم طول المدة، وبعد انخراطه في لحظة صمت يورد: “أي شخص خاض هذه التجربة يعرف ثقل التوفيق بين الالتزامين في آن واحد”.
اكتساب المهارة
امتد المسار التكويني لرضوان بشيري بين ثلاث مؤسسات لاستكمال وحدات التخصص في التواصل؛ ويتعلق الأمر بكل من جامعة بروكسيل الحرة، بالعاصمة البلجيكية، وجامعة “مونس” بجهة “والونيا”، وجامعة “لوڤان” الكاثوليكية.
أقبل المتأصل من إقليم بركان على الاشتغال في وكالات عديدة للتواصل، وبذلك حاول وضع التكوين النظري أمام إكراهات الممارسات العملية، ليقف على المصاعب الميدانية التي يفيد في تذليلها مراس خبراء سباقين مهنيا، وبالتالي راكم بشيري خبرة محترمة في ظرف قياسي.
الجهد الكبير الذي أخذت في بذله كمستخدم دفعني إلى التفكير في التحول إلى رب عمل، وبالتالي اختمر في ذهني تصور واضح لمشروع وكالة تواصلية خاصة بي؛ ولتحقيق مبتغاي وضعت مخطط تطوير سار تنفيذه وفق المبتغى”، يكشف رضوان بشيري في لحظة بوح.
نموّ مدروس
أنشأ “ابن برديل” وكالة “إكسطَانشن كومينيكِيشْن” وحيدا، لكنه أفلح في الوفاء بالتزاماته التعاقدية من خلال الاستعانة بمقدمي خدمات آخرين، سواء ببلجيكا أو باقي أرجاء أوروبا، مبديا مهارات فائقة في وضع تصورات الإنجاز بما يجلب إعجاب الزبائن.
حرص رضوان بشيري على تطوير إمكانيات الوكالة الخاصة به، مستثمرا في تأهيل الموارد البشرية وتعزيز الدعائم المادية للاشتغالات التي تقدمها، لتغدو حاليا بارزة في تنسيق العلاقات العامة وتوفير الاستشارات والخدمات التواصلية، وتنظيم اللقاءات والمؤتمرات والأنشطة الاحتفالية الكبرى.
وإيمانا بضرورة خوض تحديات تلو الأخرى، شهدت مرحلة التوسع اللاحقة تمديد خدمات “إكسطَانشن كومينيكِيشْن” إلى مرافقة ومواكبة الوفود والبعثات الدولية، إذ تم تطوير قسم خاص للإشراف على ذلك، زيادة على توفير الترجمة الفورية والانفتاح على الإعلام، والتنسيق الأمني واللوجستيكي.
ارتياح وتطلع للوطن
يقرّ رضوان برضاه حين يُسأل عما حققه مهنيا، ويرجع بشيري ذلك إلى اشتغاله في مجال يعشقه، ثم يسترسل قائلا: “مساري العملي يتشبث بما درسته ويجعلني شغوفا بمواكبة المستجدات المتسارعة التي يعرفها هذا القطاع، ولديّ أفكار تطويرية عديدة قيد الدراسة”.
ورغم الاستقرار في بلجيكا منذ سنة 2001، حرص الساكن ببروكسيل على زيادة تشبثه بالوطن الأم من خلال بوابة الاستثمار، إذ عمل على فتح فرع لوكالته التواصلية في العاصمة الرباط، سنة 2019، في خطوة تراهن على نقل المهارة من بلجيكا إلى المغرب، زيادة على خلق مناصب شغل بصنفيها المباشر وغير المباشر.
وعن هذه الخطوة يقول بشيري: “حرصت على افتتاح فرع في الرباط، لكن تداعيات الوضعية الوبائية العالمية، بسبب فيروس كوفيد-19، حالت دون انطلاق الأداء وفق الوتيرة المبتغاة في المغرب، إذ تبقى بعض مشاريع العمل متوقفة إلى غاية إعلان السلطات المختصة تحسن الظرفية”.
تجاهل السلبيّين
لا يستغرق المتأصل من قبيلة بني يزناسن وقتا في التفكير وهو يربط الناجحين في حياتهم بتوفرهم على طموحات لا تنضب، بل يذهب إلى اعتبار الإنسان سويا ما دام طموحا فعلا، أي يقدر على البذل بحماسة ودون حساب.
وعن الجيل الصاعد؛ يشجع رضوان كل الشابات والشبان على الكد من أجل النجاح في ما يريدون القيام به، مشترطا اختيار السبل المشروعة والتحلي بثقة عالية في النفس، ومحذرا من إيلاء اهتمام لأي صوت حريص على بث طاقة سلبية في المجتمع.
“لا ينبغي أن يستسلم المرء في منتصف المسار، ومن العيب أن يتخلى عن حلم سكنه، خصوصا أن الخيارات الانهزامية تبقى الأسهل عند مصادفة العراقيل، بينما الحياة لا ترسم الابتسامات إلا على وجوه من أصروا على بلوغ القمم”، يختم رضوان بشيري
نقلا عن موقع :هسبريس
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع عالم أون لاين AalamOnline لمعرفة جديد الاخبار