السلطة الرابعة

بركان … انتحاريون على متن دراجات نارية.

بقلم : عبد الصمد لغميري 

كلما مررت من شارع في بركان، تجد نفسك شاهدا على مشهد عبثي يتكرر كل يوم.. شباب متهورون يقودون دراجات نارية كأنهم في سباق موت، يتمايلون، يستعرضون، يرفعون العجلات أمام أعين الناس، غير عابئين لا بقوانين ولا بأرواح، ومأن هؤلاء لم يعودوا مجرد مستعرضين، بل انتحاريون متنكرون في صورة راكبي دراجات.
الحقيقة أن الدراجة النارية ليست عدوا لنا، بل على العكس، هي وسيلة حياة لعدد من الأسر، تنقل الافراد لقضاء اغراضعم اليومية ، وتوفر على الكثيرين مصاريف التنقل، لكن عندما تتحول الأداة النافعة إلى وسيلة استعراض أحمق، فإنها تصبح قنبلة متحركة تهدد الجميع.
إن المشكلة تكمن فينا نحن، وفي وعي غائب وسلوكيات طائشة كيف يقبل شاب أن يغامر بحياته من أجل لحظة تصفيق زائفة من أصدقائه؟ وكيف يسمح لنفسه أن يزرع الرعب في المارة، وأن يحول الطريق العام إلى ساحة معركة؟ المسؤولية هنا لا تقع على الأمن ولا على الدولة وحدها، بل على الفرد، على الأسرة التي تترك أبناءها يسرحون ويمرحون بلا رادع، وعلى المجتمع الذي يتفرج بصمت.
ما يحدث في شوارعنا اليوم ليس صدفة، بل نتيجة تراكمات: غياب ثقافة احترام الطريق، تهاون في تطبيق القانون الذاتي قبل أن يكون قانون الدولة، واندفاع مراهقين يظنون أن الرجولة تقاس بعدد المخاطر التي يخوضونها على عجلتين.
إن التغيير يبدأ من الوعي، من إدراك أن الطريق ملك للجميع، وأن المغامرة بالحياة ليست بطولة بل حماقة. على المجتمع أن يقول كلمته، أن يرفض التطبيع مع هذه الفوضى، وأن يشعر كل متهور بأنه منبوذ لا بطل.
ويا من تقودون دراجاتكم كأنكم لا تخافون الموت.. تذكروا أن البطولة ليست في المغامرة بأرواح الناس، ولا في تحويل الطرقات إلى مسرح خطر ..البطولة الحقيقية أن تعودوا سالمين إلى بيوتكم، أن تحافظوا على حياتكم وحياة غيركم. توقفوا قبل أن تتحولوا من مستعرضين إلى قتلةومقتولين وقبل أن تبكوا أنتم أو تبكيكم أسركم.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع عالم أون لاين AalamOnline لمعرفة جديد الاخبار