مجتمع

المنة وتذويب مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة

 

عبد الحليم قيلولي – مهتم بالشأن المحلي لإقليم بركان

يعد تقديم بعض المسؤولين للمشاريع الأساسية كإنجازات استثنائية نوعًا من تسويق المهام العادية، وكأنها إضافات غير مسبوقة، مما يعكس رؤية مختزلة لدورهم الحقيقي. فالأعمال التي توصف بـ”الإنجازات” في هذا السياق ليست إلا واجبات أساسية تهدف إلى تلبية احتياجات المواطنين وتحقيق رفاهيتهم. هذه المشاريع، الممولة من أموال دافعي الضرائب، هي في جوهرها حقوق للمواطنين لا منّة، ويجب أن تكون خاضعة للمحاسبة الدقيقة أكثر من التمجيد والإشادة.

تؤثر هذه الظاهرة سلبًا على وعي المواطن، حيث تدفعه إلى تصديق أن الحصول على الخدمات الأساسية إنجاز، مما يخفض سقف تطلعاته ويؤدي إلى قبول الحد الأدنى من الخدمات كأمر كافٍ. يزيد هذا الوضع تعقيدًا مع بعض وسائل الإعلام، التي تساهم في تعزيز هذا الفهم المغلوط بترويجها لهذه المشاريع كإنجازات “عظيمة”، بدلاً من ممارسة دورها الرقابي في كشف أوجه القصور والتأخير الذي قد يرافق تنفيذ المشاريع.

يجب أن ينصب الدور الحقيقي للإعلام على توعية المواطن بأن هذه المشاريع والخدمات حق مشروع، وأن النقد يجب أن يركز على جودة تنفيذها وأثرها الإيجابي على حياة الناس. من شأن هذه المسؤولية الإعلامية أن تغيّر نظرة المجتمع نحو مشاريعه الحيوية، وتزيد من مطالباته بتحسين الخدمات ورفع معايير التنمية المستدامة.

 

نموذج إقليم بركان

كمثال على ذلك، شهد إقليم بركان خلال السنوات العشر الأخيرة ديناميكية كبيرة في مجال التأهيل الحضري، وهي جهود جديرة بالتقدير. لكن من الضروري أن يكون هذا الإنجاز في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وألا يُنظر إليه كعمل خيري أو مبادرة تطوعية خارجة عن المسؤولية. كما ينبغي أن تكون هذه المشاريع تحت رقابة الرأي العام ومتابعة المجتمع المدني والفاعلين السياسيين، الذين لا يقتصر دورهم على التصفيق، بل يجب أن يسهموا بفعالية في رصد التحديات وطرح الحلول الناجعة.

ومع ذلك، نتساءل: لماذا يسكت المجتمع المدني والسياسيون عن قضايا حيوية في الإقليم؟ كأزمة طريق تافوغالت، وإغلاق مغارة زكزل، وأزمة التلوث البيئي التي أصابت مياه بئر مداغ، وتدهور نهر ملوية وتأثيره على الأراضي الزراعية على ضفافه؟ أين هم من تدهور الخدمات الصحية ومن اجتثاث حوالي 20 ألف هكتار من أشجار الحوامض؟ إن تجاهل هذه المشاكل لا يخدم تطلعات المواطنين، بل يؤدي إلى التغطية على الإخفاقات..

الخلاصة..إن من الضروري توعية المجتمع بدوره في مراقبة جودة المشاريع بدلًا من الانبهار بالتدشينات الشكلية، وأن تكون المتابعة مركزة على نتائج هذه المشاريع ومدى تأثيرها الفعلي. يجب على الإدارات العامة وضع استراتيجيات تُركز على تحقيق أهداف طويلة الأمد، بعيدًا عن تسويق ما يجب أن يكون واجبًا قانونيًا كأنه إنجاز غير مسبوق.

 

لا للمنة… نعم لربط المسؤولية بالمحاسبة.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع عالم أون لاين AalamOnline لمعرفة جديد الاخبار