جرسيف.. مشاركون في ندوة فكرية يبرزون تأثير الإعلام الجديد على منظومة القيم
أبرز مشاركون في ندوة فكرية نظمت، أمس الأربعاء 19 أبريل الجاري، بدار الثقافة بجرسيف، حول موضوع “الإعلام الجديد ومنظومة القيم .. قيم وآفاق”، تأثير الإعلام على منظومة القيم ودعمها وترسيخها أو ضربها وتغييرها.وتروم هذه الندوة التي نظمها مركز الشرق للدراسات والبحوث وجمعية سواعد للتضامن والتنمية بجرسيف، تسليط الضوء على أشكال العلاقة التي تربط الإعلام الإلكتروني بمنظومة القيم، وأدوارها في ترسيخها والحفاظ عليها أو هدمها.وقال الاستاذ يوسف بليط رئيس مركز الشرق للدراسات والبحوث بجرسيف، في كلمته بالمناسبة، إن هذا اللقاء يسعى إلى ابراز تأثير الإعلام الجديد على المنظومة أو النسق القيمي على الشباب بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة.وأكد، بليط، أن العالم اليوم يشهد تحولات كبيرة في مختلف المجالات العلمية والتقنية والتكنولوجية، تمخضت عنها تغيرت طالت حياة الأفراد والمجتمعات خاصة العربية و الإسلامية من كل النواحي، من أهمها الإعلام الجديد الذي كان له الأثر البارز في تلك التغيرات، فاختزل بذلك عاملي الزمان والمكان وأفسح الطريق للتواصل وتبادل الافكار والثقافات مما أثر على قيمها بصفتها المكون الجوهرية لكل ثقافة وأنساقها المختلفة، فظهرت قيم دخيلة ومستحدثة على هوية المجتمع العربي بالإضافة الى تغير ترتيب هذه القيم.وأكد، هشام المكي، الأستاذ أستاذ الإعلام والتواصل، ومدير كرسي الألكسو للاتصال: الأخلاقيات والمعرفة والمجتمع، في مداخلته، على أنه ورغم الاجماع على مفهوم القيم، إلا أن طرق التفكير فيها تختلف باختلاف مرجعية ومنظور التفكير سواء أكان أخلاقيا ذو مرجعية دينية أو حداثيا يستمد نظرته من تصور المجتمع الغربي الحداثي، وهو ما يخلق اختلافا في وجهات النظر في تعاطي الاعلام وتعامله مع منظومة القيم.وأشار أستاذ الإعلام والاتصال، إلى أن الإعلام يمكنه تغيير التصورات الراسخة في الدهن والغائها ومنه يمكنه تعديل القيم وترتيبها لدى المجتمع، مستدلا على ذلك بطرق تقديم هذه القيم سواء أكانت قيما إيجابية أو سلبية وما يخلفه ذلك على الفرد والمجتمع من تأثير، مبرزا أن القيم تأخذ خمسة أبعاد أساسية هي بعد معرفي وأخلاقي ووجداني وجمالي وتوجيهي.وأبرز المتحدث، أن التزاوج الذي حصل بين الإعلام والتكنولوجيا الحديثة، خلق لنا ما سمي بالإعلام الجديد الذي أثر على كل المجالات الحياتية للفرد والمجتمع لينتج ما يمكن تسميته ب”مجتمع غرف النوم”، حيث أصبح المحتوى الاعلامي متاحا للجميع في كل وقت وفي أي مكان، بشكل يتسم بالحرية والخصوصية المطلقة نتيجة لغياب الضوابط والقيود الرقابية التي كانت توجد في السابق، ما جعله محركا مستمرا للمجتمع ومؤثرا مباشرا في قيم الأفراد وتوجهاتهم ومعايير وأنماط عيشهم، وهو ما أدى إلى ظهور بعض القيم الدخيلة والمستحدثة التي لا تتناسب مع المجتمع، إضافة إلى إعادة ترتيب النسق القيمي للأفراد والجماعات.ومن جانبه، أكد، محمد العشوري، الصحافي وعضو المكتب الجهوي للفدرالية المغربية لناشري الصحف بجهة الشرق، أن الاعلام عبر التاريخ قد اضطلع بأدوار طلائعية هامة في الدفاع عن القضايا الانسانية والوطنية العادلة، ونشر وترسيخ القيم النبيلة وذلك بمختلف الوسائل فمثلا استعمل الوطنيون المغاربة خلال فترة الاستعمار كافة الوسائل لنشر الوعي بين أفراد المجتمع المغربي ورص صفوفه لطرد المستعمر عبر الجرائد والمنشورات والكتب والحلقيات في الأسواق والجوامع.معتبرا أن الصحافة تعيش حالياً، من حيث الكم، أبهى عصورها، متسائلا حول مضمونها، خاصة وأن جلّ المنصات الاعلامية تركّز على الأخبار السريعة والمختصرة، ومواضيع البوز سواء أكان يحمل قيمة إخبارية تهم الرأي العام، أو غارقاً في الشعبوية، وغياب الأخلاقيات والقواعد، مؤكدا أن ممارسة الصحافة دون قيم وأخلاقيات أمر يفسد المهنة ويخدم التفاهة ويعمق التخلف، لأن “المهنية” و”الأخلاقيات” طرفان متلازمان ومرتبطان في الصحافة، يسقط أحدهما بسقوط الآخر، وبالتالي فإن غياب الأخلاقيات سيفضي إلى ظهور سلوكيات تضرب بالقيم الإنسانية عرض الحائط، كانتهاك الخصوصيات والتجسس على الحياة الخاصة والتشجيع على العنصرية وغيرها.وشدد، عضو المكتب الجهوي للفدرالية المغربية لناشري الصحف بجهة الشرق، على أن أداء الرسالة النبيلة لمهنة الصحافة والإعلام وشرفها مرتبطان بالمبادئ والقيم والأخلاقيات.واعتبر، محمد العشوري، أن واقع الصحافة المعاش يعكس حالة من سيولة انحراف القيم، وانزياحها عن معانيها الحقيقة، ناهيك عن حالات التطبيع معه، ومدى الابتذال الذي تعيشه المهنة والذي وصل إلى حد التلاعبات والتزوير والغش، وأن السماح لهذه العاهات القيمية بأن تسود في المجال الإعلامي، لا يكرس فقط انحرافاتها الأخلاقية في حق المهنة، وإنما يعلي من شأنها ويقودها أحيانا إلى مناصب القرار لتصبح هي الآمر والناهي، ويجعلها في موضع المدافع عن “تصوراتها لأخلاقيات المهنة”.وأكد، أن الإعلام يؤثر بوسائله المتعددة في أفكار الإنسان وقيمه واخلاقه وتصرفاته أيضًا، فلهذه الوسائل الإعلامية قدرة سحريّة على التأثير في اللاوعي لدى الناس وزرع الأفكار التي تطرحها في سلوكياتهم اليومية والحياتية، كما انّها تغير وجهة نظرهم في العالم الذي حولهم، وقد تقوم بعملية استبدال كامل للقيم، وزرع قيم أخرى بدلًا منها، من خلال تكوين وترسيخ صور نمطية وذهنية حول الكثير من الموضوعات.مشيرا إلى ان الهدف الأسمى من هذه القدرة في التأثير، هو البناء والإصلاح والمساهمة في غرس القيم الأخلاقية الحسنة، ولكن قد يكون لها التأثير العكسي أحيانًا فتسبب آثارا مدمرة لمنظومة القيم في المجتمع، وهذا يحدث عندما تختار وسائل الإعلام نماذج تريد للناس أن تتخذ منها قدوة يحتذى بها، كالتركيز على رموز التفاهة والشذوذ الفكري والجنسي، التي تقودها بعض المنابر الاعلامية في المغرب مثلا.وخلص محمد العشوري، في ختام مداخلته إلى ضرورة الانتباه لكل ما يتم مشاهدته من قبل الأطفال والمراهقين خاصة والبالغين واختيار الإعلام النظيف الذي يحمل بين طياته القيم الأخلاقية النبيلة، والعمل على تطوير وتأطير الحقل الإعلامي المحلي والجهوي بشكل خاص، وذلك بما يتوافق مع القيم المجتمعية لبلادنا وذلك لضمان تنشئة سليمة لأبناء هذا المجتمع
والحفاظ على استقرار واستمرارية قيمه الأصيلة والمتأصلة.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع عالم أون لاين AalamOnline لمعرفة جديد الاخبار